القائمة الرئيسية

الصفحات

ما قبل ميكانيك الكم ـ ما هو الضوء ـ تجربة يونج

ما قبل ميكانيك الكم


ميكانيك الكم


ما قبل ميكانيك الكم ـ ما هو الضوء ـ تجربة يونج

ملاحظة / يمكنكم تحميل العديد من كتب ميكانيكا الكم بالضغط هنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد وضعت هذه الحلقة هنا لكى أكمل كل الأمور المتعلقة بالفيزياء الكلاسيكية قبل الدخول فى أى أشياء جديدة

هذه الورقة هى ترجمة لجزء من ورقة أجنبية تتحدث عن ميكانيك الكم و قد أعجبتنى جدا .

ميكانيك الكم هى أحد ثورات القرن العشرين العلمية و هى أحد أقرب العلوم التى توصلت لوصف دقيق للطبيعة . و لكنها غريبة تماما . إنها تتعارض مع حسنا العام كما أنك يمكن أن تعتبرها نوع من الخيال العلمى الذى لا يمكن لعلماء جادين الأخذ به .

. سأبث إليكم الأن خبر جيد و لكننى سوف أكتب تحذيرا أيضا .

الخبر الجيد هو أنك لا يجب أن تكون فيزيائيا بارعا لكى تفهم هذه الورقة . و لكن يجب أن احذر أيضا من أن الموضوع صعب الفهم فلا تتوقع فهمه من أول مرة بل انه عليك قراءته مرات كما يجب أن تتوقف بعد كل جزء و تطمئن إلى تمام فهمه . سوف نغطى هنا أسابيع عديدة من الفيزياء الجامعية لأن ما يجعل الجامعيين يأخذون وقتا طويلا هو تعلم القيام بالعمليات الحسابية المعقدة الخاصة بالمواضيع أما نحن فعلى العكس لن نقوم بعمل أى رياضيات. أرجو أن تستمتعوا فى هذه الحلقة .

نظرة عامة - إلى أين نحن ذاهبون ؟!

قبل البدء سنقوم برسم الطريق الذى سنسلكه و سوف نعرض نظرة شاملة عن الأشياء التى تتناولها

سنتناول فيزياء القرن التاسع عشر أى الفيزياء الكلاسيكية . إياك أن تترك هذا الجزء لتذهب مباشرة إلى الجزء الشيق لأنه بلا هذا الجزء لن يكون الجزء الشيق شيقا أبدا .

- ما هو الضوء؟ و ماذا يحدث عندما تتقابل موجاته ؟ هذه النقاط تشرح لماذا نعتبر الضوء موجة كما تشرح معنى التداخل الموجى
- تجربة يونج للتداخل تعتبر اثباتا ممتازا لتنبؤات الفيزياء الكلاسيكية
- تجربة يونج باستخدام الكرات الصغيرة تظهر بوضوح الفرق بين تصرف الجسيمات و الأمواج فى التجربة .

بوصولك لهذه النقطة ستكون ملما بجزء لا بأس به من الفيزياء الكلاسيكية . ستعرف ما هى الموجة و ما هو الجسيم أو الجزئ . و ستعرف ما الفرق بينهما (خاصة بالنسبة للتداخل) و سترى أن تجربة يونج تثبت كل هذه النظريات . لن ترى الأمر سهلا و لكنه يجب أن يكون منطقيا تماما بالنسبة لك .

ما هو الضوء 

أحد أهم الأسئلة فى العلوم فى الأونة الماضية كانت "ما هو الضوء؟" . بنهاية القرن الـ19 كان هذا السؤال قد أجيب بإجابة جيدة . الرياضيات " معادلات ماكسويل" تأخذ وقتا لتتعلمها و لكن الفكرة نفسها واضحة جدا.

فى نقطة ما فى المكان يوجد ما يسمى مجال كهربائى . ربما كانوا لا يعرفون تكوينه بالضبط و لكن يمكننا تحديد اتجاهه . يمكننا أن نقول أن فى هذه النقطة مجال كهربائى برؤية تأثيره على جسيم مشحون و نقول أن اتجاه هذا المجال هو الاتجاه الذى يسلكه جسيم موجب تم وضعه فى هذا المجال . هذا المجال يشير لأعلى تعنى أن الجسيم الموجب سينطلق لأعلى لو تم وضعه هنا .

يمكننا قضاء ساعات فى شرح المجال الكهربى و الجسيمات المشحونة و لكن هذا لن يكون له علاقة بموضوعنا . الشيئ المهم هنا هو أنه يمكنك تحت ظروف معينة الحصول على مجال كهربى يشير لأعلى و يمين قليلا لا تجده تماما ثم إلى اليمين قليلا تجده يشير لأسفل . أى يتذبذب كما فى الرسم

الضوء

الخط العرضى هو احداثى المكان و ارتفاع المنحنى يدل على اتجاه المجال الكهربى و شدته . لا يوجد شيئ حقيقى يتحرك لأعلى و أسفل و لكن هذا رسم بيانى لشدة المجال و اتجاهه مع المكان . فى الحقيقة هذه الموجة ليست ساكنة و لكنها تتحرك . تخيل أنها تتحرك يمينا و أنك واقف فى طريقها فلو أنك قمت بقياس اتجاه و شدة المجال ستجده يقوى و يضعف و يغير اتجاهه بمرور الوقت .

أحد أهم انجازات الفيزياء الكلاسيكية هو تصوير الضوء كموجة من هذا النوع و شرح كل خصائصه اعتمادا على هذه الصورة له . (فى الواقع يوجد فى الضوء مجال مغناطيسى [لهذا يسمى موجة كهرومغناطيسية] و لكن ليس له علاقة بموضوعنا الأن ) . قبل المضى أكثر عليك أن تعلم أن المسافة بين قمتين متتاليتين تسمى "الطول الموجى" و موجات الضوء المختلفة لها أطوال موجية مختلفة .

عندما تلتقى موجات الضوء

ماذا يحدث عندما تتقابل موجتان ضوئيتان ؟؟ الاجابة هى أن المجالان الكهربينا يتم جمعهما . أى لو أنه فى نقطة ما يشير أحدهما لأعلى بـ3 و الأخر لأعلى بـ 5 . فالمجموع هو لأعلى بـ8 و العكس فلو أن أحدهما يشير لأعلى بـ3 و الأخر لأسفل بـ3 فانك لن تجد مجالا كهربيا فى هذه النقطة.

لو كنت رجلا عمليا ستقوم الأن و تأتى بمصابحين و توجههما لنفس الرقعة على الحائط لترى كيفية جمع الضوء . و لكن للأسف لن ترى شيئا لأن ضوء المصباح هو مجموعة كبيرة عشوائية من موجات مختلفة . و لكن تخيل أن لديك مصباحين يقومان بإطلاق موجتين (موجة من كل منهما) لهما نفس الطول الموجى و يقومان باطلاقهما فى نفس الوقت .

اعتمادا على بعد كل منهما عن الحائط يمكنك رؤية ضوء أو ظلام على حسب الفرق بين شدة المجال فى كلا الموجتين عند هذه النقطة .

فى الصورة التالية تجد موجتين متوازيتان تماما و المجال الكهربى فيهما متساوى عند كل نقطة. عندما يكون موجب فى أحدهما يكون موجب فى الأخرى فيصبح المجموع موجب عالى . و هكذا فالناتج يكون موجة أطول من الموجتين .
ضوء مع ضوء يعطى ضوء أقوى .

تداخل موجات الضوء


لو كانوا غير متوازيين بالمعنى السابق (بالانجليزى اسمهم out of phase ) فعندما يشير أحدهما لأعلى سيشير الأخر لأسفل فيلغيا بعضهما و ترى ظلام

تداخل موجات الضوء


هذان النوعان يسميان تداخل بناء و تداخل هدام .

نعود لمصباحينا المتميزين لو أنهما يبعدا عن الحائط بنفس المسافة فسوف تكون الموجات متساوية و ترى ضوء قوى . حرك أحدهما للخلف بمسافة تساوى نصف الطول الموجى لترى ظلام حيث أن الموجتان سيصبحا متعاكستان .

أرجو أن يبدو هذا واضحا . للأسف فإن هذه التجربة عمليا مستحيلة و لكن توماس يونج عالم مشهور تمكن من التحايل و وضع فكرة لتنفيذ التجربة اعتمادا على مصدر ضوئى واحد . و لكنه لا بد أن يصدر موجة من نوع واحد (لا تجربها بالمنزل إنها تصلح فى المعمل فقط).

تجربة الفتحات (تجربة يونج)

تسمى هذه التجربة بالفتحات و ستعرف لماذا . سنضع مصدر للضوء أمام حائط أسود و بينهما قطعة من الكرتون بحيث لا يعبر الضوء . الأن تقوم بعمل فتحة رأسية فى الكرتون بحيث يعبر بعض الضوء . السؤال : ماذا ترى على الحائط؟؟

لو أن الضوء يسير فى خطوط مستقيمة من مصدر الضوء نحو الحائط فسترى خط رأسى من الضوء . و لكن فى الواقع فان الضوء يشع للخارج (ظاهرة تشتت الضوء). و بذلك فما ستراه هو عمود من الضوء خلف الفتحة و يضعف الضوء نحو الأجناب

تجربة يونج


هذه النقطة ليست غريبة و هى ليست ذات أهمية شديدة فهى فقط تثبت أن الضوء يشع للخارج . لكن ماذا لو أنك أضفت فتحة أخرى بجانب الأولى ؟؟
ربما تتوقع رؤية نفس الشكل السابق موجود مرتين ، و لكن ما تراه هو منظر جديد . ترى عواميد من الضوء بينها عواميد من الظلمة .

تجربة يونج هدب


هذا يبدو غريبا حقا . بعض الأماكن التى كانت مضيئة فى التجربة الأولى أصبحت مظلمة عندما فتحت فتحة أخرى . قم بتغطية هذه الفتحة و سترى هذه المناطق تضئ مرة أخرى . هذه النتيجة منطقية جدا فى ظل النظرية الموجية للضوء . تذكر أنه عندما تمر موجة ضوئية من احدى الفتحات تقوم بالانتشار فى كل الاتجاهات (كل فتحة تعمل كمصدر ضوئى) و هكذا فإن كل نقطة على الحائط تستقبل شعاعين ، واحدا من كل فتحة كما فى الصورة

التداخل لموجات الضوء


نرى هنا أن الشعاعين بدئا متساويين و لكنهما سارا مسافات مختلفة و هذا يعيدنا للشرح السابق عندما تلتقى أشعة الضوء . فلو كلا الشعاعين عند الالتقاء كانوا يشيرون معا لأعلى أو لأسفل فستكون هذه النقطة مضيئة و العكس صحيح .
الفرق بين مسار الشعاعين يختلف عند كل نقطة و بذلك فستختلف الحالة عند كل نقطة و سيختلف نوع التداخل و هذا يفسر المنظر الذى تم رؤيته.

تجربة االفتحات باستخدام الكرات الصغيرة

منذ البداية حتى الأن قمنا بتغطية جزء لا بأس منه فلا مانع فى أخذ دقيقة أو اثنين لمراجعته و التأكد من أن النتيجة فعلا منطقية .

سنعيد التجربة باستخدام كرات صغيرة مدهونة بالأبيض مثلا.

سنعيد التجربة الأولى و لكن بدلا من مصدر الضوء سنستخدم مكنة (أو مدفع) يطلق كرات صغيرة مدهونة بالأبيض لتترك صبغة على الحائط الأسود لنعرف أين ذهبت . هذا المدفع يطلق كرة تلو الأخرى . قم بعمل فتحة واحدة و انظر أبن تذهب الكرات.
المدفع يطلق كل كرة بنفس الطريقة و فى نفس مسار الكرة السابقة أى أن الكرات لا تنطلق مثل الضوء فى كل الاتجاهات و بذلك فستجد أن كل الكرات ترتطم بنفس النقطة على الحائط .

لنجعل الأمر مسليا أكثر. قف خلف المدفع و أثناء انطلاق الكرات قم بتحريك المدفع لأعلى و أسفل و يمينا و يسارا و كل الاتجاهات بسرعة (أى قم بهزه). الأن ماذا ستجد ؟؟
الكثير من الكرات لن تعبر الفتحة و لكن تلك التى ستعبر سوف ترتطم بالحائط تاركة أثرها و لكن ليس لازما أن تصل للحائط خلف الفتحة مباشرة فتذكر أن الكرات تنتطلق فى كل الاتجاهات نتيجة تحريكك المدفع . بعد أن تطلق عددا كبيرا من الكرات توقف و انظر للحائط . سترى نتيجة مشابهة لنتيجة الضوء تماما . عمود من اللون الأبيض يقل كثافة نحو الأجناب.

قم بعمل فتحة أخرى و استمر باطلاق الكرات بجميع الاتجاهات . ماذا ستجد الأن ؟؟ عواميد متبادلة ؟؟ لا ،ما ستراه هو أثر الكرات المنطلقة من الفتحة الأولى بجانب أثر تلك المنطلقة من الفتحة الثانية . الكرات تتطلق واحدة تلو الأخرى و بذلك فلن تصطدم كرتان أو ما شابه . ستجد الشكل الذى رأيته عند عمل فتحة واحدة مكرر مرتين .



أنت تضيع وقتى !!!!!!!!!!

لا نحن لا نضيع الوقت فكل ما شرحناه - حتى الكرات - له أهمية فى فهمك للفيزياء الحديثة و لا بد من أن تفهم ما سبق جيدا و تتأكد من منطقيته .

ننهى هذا الجزء بتلخيص بسيط . الفيزياء الكلاسيكية قسمت كل الأشياء إلى فريقين فكل شيئ هو إما جسيم أو موجة . الموجات هى مثل الصوت و الضوء و موجات المياه . الجسيمات هى مثل الذرة و الكرة و الكوكب . ربما تجد موجات مصنوعة من حركة الجسيمات (فالصوت هو اهتزاز الهواء) و لكن بغض النظر عن ما هو تركيب الموجة ، كل من الموجة و الجسيم يتصرفون باختلاف

بعض الفروق هى :

- الجسيمات "كمية" أو " متفرقة" هذا يعنى أنها وحدات متفرقة : كرة ، كرتان ، 3 كرات ،.... إلخ . الموجات لا تأتى
فى صورة أشياء متفرقة بل هى تغير أو اضطراب عام موجود فى مساحة أو منطقة .

- شيئ أخر عن الكمية . يوجد ما يسمى "بأصغر وحدة" . لو أن لديك حفنة من الكرات و قمت بقسمها سيصبح لديك حفنتان أصغر من الكرات . و لكن لو انك استمريت فى التقسيم فستصل إلى كرات متفرقة لا يمكنك قسمها لأنها بعد قسمها لن تكون كرة . هذا يعنى أن الكرة هى أصغر وحدة ممكنة للكرات . على الناحية الأخرى يمكنك الاستمرار فى تقطيع ارتفاع الموجة و لكنها ستظل موجة .

- الموجات يمكنها أن تتداخل بنوعين اما بناء أو هدام . أما الجسيمات فنوع واحد هو البناء. 5 كرات مع 3 كرات يعطوا
8 كرات لا يمكن أن يعطوا 2 .

- بسبب الاختلاف فى طريقة جمع الجسيمات و الأمواج فإنهما يعطيان نتائج مختلفة فى تجربة الفتحتين ليونج . مع الموجات ترى نقاط مظلمة حيث تلغى الموجات بعضها . مع الجسيمات لا يوج الغاء . أنت ترى عمودين كبيرين من الدهان.

عند هذه النقطة تكون قد عرفت كل ما تحتاج عن الفيزياء الكلاسيكية . اذا لم تفهم نتيجة تجربة يونج قم بقراءة " عندما تتاقبل موجات الضوء" و افهم كيف تتداخل الموجات ثم اقرأ التجربة مرة أخرى . تأكد من أن كل النتائج منطقية حتى لو تتطلب ذلك القراءة عدة مرات.

استعد جيدا فنحن على وشك الدخول للقرن العشرين.

الموضوع للأمانة منقول لأهميته
ادعوا لصاحبه بسعة العلم والمعرفة
وتقبلوا تحياتي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في موضوع قادم سنكمل في ـ موقع الفريد في الفيزياء
شارك زملاءك من الرز أدناه لتصلكم مواضيعنا القادمة إن شاء الله تعالى
هل اعجبك الموضوع :
author-img
معلم لمادة الفيزياء ـ ماجستير تكنولوجيا التعليم، أهتم بالفيزياء والرياضيات وتوظيف تكنولوجيا التعليم في العملية التعليمية، بما في ذلك التدوين والنشر لدروس وكتب الفيزياء والرياضيات والبرامج والتطبيقات المتعلقة بهما، وتصميم وإنتاج البرمجيات التعليمية.

تعليقات