القائمة الرئيسية

الصفحات

الضوء ونظرية نيوتن الخاصة بالضوء والألوان

الضوء ونظرية نيوتن الخاصة بالضوء والألوان

الضوء في الفيزياء

الضوء ونظرية نيوتن الخاصة بالضوء والألوان

حاول الإنسان منذ قديم الأزل أن يفسر الضوء وسرعته ومصادره، فنجد أن أقليدس اقترح نظرية الإشعاع في الإبصار، والتي تقول أن الضوء ينبعث من العين، بدلا من دخوله العين من مصدر آخر. وكانت الاستنتاجات وقتها باستخدام هذه النظرية، بأن للضوء سرعة وهي غير محدودة، لأن الأجرام البعيدة كالنجوم تظهر فوراً بمجرد أن نفتح أعيننا. وظلت تلك الأفكار متداولة حتى شرح ابن الهيثم فهمه للضوء في كتابه المناظر، والذي أوضح أن الأجسام هي من تبعث أو تعكس الضوء والعين هي من تتلقاه وتترجمه، الأمر الذي أدى بابن الهيثم لأن يقترح أن الضوء له سرعة محددة، وأن تلك السرعة تتغير طبقا للوسط التي تمر فيه، فهي تنقص في الأجسام الأكثر كثافة، وقد أوضح أن الضوء هو مادة محسوسة يتطلب انتشارها وقتاً حتى لو كان مخفياً عن حواسنا. وجاء بعده العالم أبو الريحان البيروني والذي دعم رأي ابن الهيثم في أن الضوء له سرعة محددة ولاحظ أن سرعة الضوء تكون أعلى من سرعة الصوت. ووافق الفلكي العثماني تقي الدين بن معروف مع ابن الهيثم في أن سرعة الضوء ثابتة، ولكنها تتغير في الأجسام الأكثف، واقترح أن الضوء يستغرق وقتاً طويلاً للوصول من النجوم التي تبعد ملايين الكيلومترات ليصل الأرض.وكانت أيضا نظرية نيوتن الذي حاول تفسير الضوء على أساس ميكانيكي بحت. فقد افترض نيوتن أن الضوء عبارة عن جسيمات بالغة الدقة تسير في خطوط مستقيمة ما لم يعترضها جسم ما، لكن سرعان ما اكتشفت ظواهر جديدة تناقض الفكرة الجسيمية للضوء، هذا دفع عالم أخر هو كريستيان هوجنسChristian Huygens‏ إلى إيجاد تفسير أخر وهو أن الضوء عبارة عن أمواج تنتشر في الفضاء بحيث تصبح كل نقطة من صدر الموجة هي منبع لموجة أخرى وهكذا. وجاء التفسير الذي وضح طبيعة الضوء على يد العالم الألماني ماكس بلانك والذي يعود له الفضل في اكتشاف حقيقة الضوء، والتي تبين أنها تحمل كلا الخاصيتين الموجية والجسيمية . والذي كان أول من ارتأى أن الضوء ليس موجي الطبيعة فقط ولا جسيمي الطبيعة فقط بل إن له خصائص الطبيعيتين. وقام اينشتاين فيما بعد بتوسيع تلك النظرية واعتبر أن انعكاس الضوء وانكساره وحيوده هي مظاهر تدل على طبيعة الضوء الموجية بترددات وأطوال موحية مثل أمواج الصوت. وما يكتسبه من طبيعة جسيميه هي ظاهرة ابتعاث الذرات وامتصاصها للضوء مما يدل على أنها دفق من الجسيمات أطلق عليها اينشتاين اسم الفوتونات.

تعريف الضوء

الضوء هو عبارة عن إشعاع كهرومغناطيسي، له طول موجي، وتعرف هذه الموجات من خلال عدة تعريفات فيزيائية كارتفاع الموجة وطول الموجة (طول الموجة هو المسافة الفاصلة بين قمتين متتاليتين)، اللون الأبيض هو مزيج من كل ألوان الطيف بينما اللون الأسود هو غياب كامل للضوء، ويمكن للعين البشرية أن تستطيع رؤية الأجسام غير الشفافة من خلال انعكاس الضوء عليها. والذي تراه العين البشرية هو الضوء الذي يقع طول موجته بين نحو 750 نانومتر (وهو الضوء الأحمر) و370 نانومتر (وهو الضوء البنفسجي)، والعين قادرة كذلك على التمييز بين الألوان المختلفة المكونة للضوء العادي حيث لكل لون خواص مختلفة عن اللون الآخر وتقع ضمن حدود أطوال الموجات التي ذكرناها وهما حدود الإحساس بالرؤية، أما أطوال الموجات الأقصر أو الأعلى من ذلك لا نستطيع رؤيتها بالعين المجردة ونحتاج إلى أجهزة معينة كي نستطيع الاستدلال عليها، مثل الأشعة تحت البنفسجية أو فوق الحمراء أو أشعة جاما أو الأشعة السينية أو مثلاً الموجات المخصصة للراديو وغيرها.

سرعة الضوء

السرعة الدقيقة للضوء هي 299,792,458 متر في الثانية (1,079,252,848.8 كيلومتر في الساعة) في الفراغ. وعند عبور الضوء خلال مواد شفافة مثل الزجاج أو الهواء تقل سرعته، وتختلف سرعة الضوء خلال مروره في المواد حسب طبيعة شفافيتها وتصبح اقل من تلك المحسوبة في الفراغ، والنسبة بين سرعة الضوء في الفراغ وسرعته خلال مادة تسمى معامل الانكسار. كذلك تتغير سرعة الضوء بتأثير الجاذبية ما يولد ظاهرة عدسات الجاذبية.

زرقة السماء

من المعروف أن سماء الأرض ليست طبقة بحد ذاتها، وإنما هي ناتجة عن الغلاف الجوي الذي يحيط بها، والذي بدوره يتألف من جزيئات من خليط من غازات مختلفة وبأحجام مختلفة والعوالق الجوية من أتربة وأغبره وأبخرة ورمال عالقة، وعندما يصدم الضوء بالجزيئات التي هي أكبر من طول موجة الضوء ينعكس الضوء في جميع الاتجاهات ولهذا تعكس جزيئات الماء في الغيوم مثلاً كل ألوان الطيف نحو عيوننا فنرى الغيوم بيضاء، وإذا أصطدم الضوء بجزيئات أصغر من طول الموجة مثل الأوكسجين، يحدث للضوء تشتت، وبسبب وجود كميات كبيرة من الجزيئات الصغيرة، وحيث أن التشتت يرتبط بطول الموجة، وكذلك أن اللون الأزرق يتشتت بحوالي تسع مرات أكثر من اللون الأحمر، وبسبب هذا التشتت للون الأزرق أكثر من غيره، تظهر لنا السماء (أو بالأدق الغلاف الجوي) زرقاء. لذا فإن الضوء الأزرق الناتج من الانعكاس على الجزيئات الصغيرة يتجه بكمية اكبر من الألوان الأخرى إلى أعيننا وبذلك نرى السماء زرقاء. عدا في الشروق والغروب حيث يشاهد الشفق الأحمر صباحا ومساء نتيجة مرور الأشعة الشمسية بطبقات الغلاف الجوي الملوثة القريبة من الأفق، الأمر الذي يزيد من تشتت الموجات الضوئية ولا يصلنا من الشمس إلا الموجات الحمراء، فيبدو لذلك قرص الشمس والسماء حولها مائلا للاحمرار، ولو كنا على القمر مثلا، وحيث انه لا وجود لغلاف جوي يحيط به، لبدت السماء سوداء دائما سواء في الليل أو وفي النهار.

الضوء في الفضاء

 (عن كتاب منظومة الكون الأعظم في المكان والزمان للدكتور أحمد محمد عوف) يسير الضوء في خط مستقيم في الفراغ، لكنه وعندما يمر بجوار ثقب أسود ينحرف عن مساره بزاوية أكبر من انحرافه عندما يمر قرب حافة نجم، لأن شدة جاذبية الثقب الأسود أضعاف شدة جاذبية النجوم، ولو مر جسم كروي قرب حقل جاذبية ثقب أسود فإنه يصبح جسما ممطوطا وتحديد عمر كوننا يعتمد علي مسارات الضوء في الماضي مع افتراض أن مساراته في خطوط مستقيمة ثابتة وخالية لا يعترضها شيء .

إلا أن الضوء كطبيعته يخضع للانعكاس والانكسار عندما يقع علي جرم عاكس له كالمرآة، فالأضواء التي تنبعث من النجوم سوف تتعرض إلي الانعكاسات الضوئية عندما تقابلها أجرام أخري أشبه بضوء الشمس عندما يقع علي سطح القمر فيضيء لأنه مرآة عاكسة، كما أن الضوء يمر بكثافات مختلفة لمواد وغبار كوني منتشر بالكون يشتته.

لهذا الضوء في الفضاء والمنبعث من النجوم لا يسير في خط مستقيم ولكنه سيسير في خطوط انعكاسية وإنكسارية مما قد يطيل مسافاته مما لا يعطينا المسافات والزمن الكوني بدقة. لهذا نجد أن المعطيات حول قياسات أو أبعاد الكون أو الزمن التقديري لعمره اعتمادا علي الضوء المنبعث من النجوم القديمة ستكون معلومات غير دقيقة وغير حقيقة. وحسب قوانين الانعكاس والانكسار الضوئي نجد أننا لا نري النجوم والأجسام الفضائية في مواقعها الحقيقية . لأن صورة السماء كما نراها فوقنا صورة مرآتيه داخل كرة الكون ولا يمكن تحديد مراكز الأجرام بها.

وعندما نتطلع للسماء من فوق الأرض، فإننا نعتبرها تجاوزا مركز الكون ومنها نقيس أبعاد ومسافات المجرات، وما نقيسه ليس قطر الكون في كل اتجاه بالنسبة لموقعنا علي الأرض التي تعتبر بالنسبة لحجم الكون ذرة غبار متناهية فيه أطلقنا عليها كوكب الأرض وتدور حول الشمس وتقع في أقصي جزء من مجرتنا المظلمة، والضوء يسير في الفراغ بسرعة 300 ألف كيلومتر /ثانية، ولقد أستطاع العلماء تجميد الضوء بإمرار نبضات ضوئية خلال سحب متناهية من الغازات درجة حرارتها تقترب من الصفر المطلق. ويمكن لجليد الغازات الاحتفاظ بالنبضات الضوئية لإعادة إرسالها مرة ثانية. لهذا نجد أن العلماء أمكنهم تحضير الضوء المتباطئ أو المتجمد. كما توجد مواد عادية تبطئ سرعة الضوء. فالماء عندما يمر به الضوء يخفض سرعته 75%من سرعته في الفراغ (الخواء). وهذه النظرية تبين أيضا أن النبضات الضوئية عندما تمر بوسط بارد تبطئ في سيرها وعندما تمر بوسط حار تسرع في سيرها وتتسارع مع ازدياد معدل الحرارة. لهذا يمكن أن تنطبق هذه الحالات علي الضوء عندما يمر بالفضاء.
كما أن هذه الفرضية تبين أن الضوء كان سريعا بعد الانفجار الكبير بالكون ثم أخذ يتباطأ مع برودته. لهذا لا يمكن اعتبار حسابات أينشتين عن سرعة الضوء كشيء مطلق أو سرعته ثابتة (300 ألف كيلومتر ثانية) إلا لو كان الضوء يمر في فراغ مفرغ من الغازات تماما حتى لا تكون له حرارة تؤثر عليه. لهذا لا تطبق نسبية أينشتين علي كوننا الذي تتعدد فيه الحرارة ولكن علي كون خوائي لا حرارة فيه. وهذا الكون لا وجود له إلا في نظرية النسبية فقط . لهذا نجد أن قياس عمر الكون حسب سرعة الضوء والمسافات التي قطعها ليست مؤشرا دقيقا لتحديد عمر الأجرام التي نراها. لأن الضوء حسب قوانين الفيزياء يتعرض في رحلته المديدة لمفهوم الحرارة والبرودة والانعكاس والانكسار. كما أن الصور التي قد نراها قد تكون صورا مرآتيه. لهذا مقاييس الكون بما فيه ليست مقاييس حقيقة أو واقعية للمسافات أو السرعة أو الزمن. وقد يكون الضوء القادم إلينا قد تجمد في سحابة باردة أو تباطأ في سيره لبرودتها أو ظل متجمدا أو انتقل معها وأعادت إرساله من مكانها الجديد لو انتقلت السحابة لمنطقة دافئة لمواصلة سيره بالفضاء. لهذا نجد أن الضوء يتباطأ ويتسارع أثناء رحلته بالفضاء حسب كيفية الوسط الذي يسير به ودرجة حرارته.

فإذا كان الكون في بدايته ساخنا جدا بسبب الفوتونات إلا أنه حاليا حرارته محدودة فوق الصفر المطلق .وخلال الساعات الأولي المعدودة أنتج الهليوم والعناصر الأخرى. وأخذت الإلكترونات والأنوية تفقد طاقتها. لتتحد معا مكونة الذرات بينما الكون يتمدد ويبرد. والمناطق التي أصبحت أكثر كثافة من المتوسط فإن سرعة تمددها تقل بسبب تزايد قوة الجاذبية. مما يسفر عنه توقف التمدد في بعض المناطق بالكون مما يجعلها تتقلص ثانية. وخارج هذه المناطق .. فإن قوة الجاذبية تجعل هذه المناطق المحيطة تبدأ في الدوران مما أظهر المجرات الدوارة التي تشبه القرص . أما المناطق التي لا يحدث بها الدوران فيصبح شكلها بيضاويا ويطلق عليها المجرات البيضاوية.
من كتاب منظومة ( الكون الأعظم) في المكان والزمان
دكتور أحمد محمد عوف 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نظرية نيوتن الخاصة بالضوء والألوان


في خضم هذا الاضطراب الفكري عن الضوء والألوان، جاء نيوتن، والذي على حد وصف أينشتين :

“فإن الطبيعة كانت بالنسبة له كتابًا مفتوحًا، والذي تمكن من قراءة حروفه بدون أية معاناة: حيث أن المفاهيم التي استخدمها لتحويل مادة الخبرة إلى نظام بدت أنها تتدفق بشكل تلقائي من الخبرة ذاتها؛ أي، من خلال التجارب التي وضعها في ترتيب بديع”.

على أية حال، فإن نيوتن قد بدأ في عام 1672 بالإدلاء بدلوه حول الضوء، عن طريق أبحاثه التجريبية عن الألوان المنشورية؛ أي، تلك الألوان التي تنتج من تحلل ضوء الشمس بعد مروره عبر منشور زجاجي مثلث الشكل.فبعد سلسلة من التجارب الرائعة على حزمة من ضوء الشمس والتي تمر عبر منشور زجاجي، فإنه اكتشف أن الحزمة كانت متناثرة إلى نطاق ملون من الضوء؛ أي، الطيف Spectrum، وفيه لاحظ نيوتن أن جميع ألوان قوس قزح rainbow كانت موجودة بنفس الترتيب؛ أي، الأحمر فالبرتقالي فالأصفر، فالأخضر، فالأزرق، فالنيلي، فالبنفسجي (الشكل المدون أدناه ).

لقد استنتج نيوتن، حينئذ، أن الضوء الأبيض (ضوء الشمس)، ليس متجانسا أو متماثلا، ولكنه يتكون من أشعة مختلفة difform rays والتي بعضها يكون أكثر قابلية للانكسار من الآخر. ومن ثم، فإن اللون الأبيض ليس لونا أساسيا، وإنما هو تراكب لمجموعة من الألوان المختلفة، وعندما يدخل الشعاع في المنشور، فإن الألوان المختلفة تنحرف بمقادير مختلفة، تبعًا لتأثيرات الزجاج المختلفة عليها. وهذا يعني أن اللون الأبيض ليس بخاصية جوهرية لضوء الشمس، حيث أن الضوء المتجانس أو المتماثل يحتفظ بلونه المناسب بشكل تام، والذي لا يمكنه أن يتغير عن طريق انعكاساته أو انكساراته.

ومن هنا، فإن نيوتن قد اقتيد إلى القول بأن الألوان ليست تغييرات أو تعديلات تحدث للضوء، عند انكساره أو انعكاسه، مثلما كان مفترضا بصفة عامة، وبشكل خاص عند هوك، ولكنها خصائص أصلية وفطريةOriginal and Connate Properties ؛ أي، خصائص للأجزاء المختلفة والتي تختلف درجاتها باختلاف قابليتها للانكسار.

ومن هنا، وعن طريق هذه النتيجة التجريبية، تبدو لنا ملامح منهجية نيوتن في التزامه التام بالتعاليم البيكونية Bocanian teaching، حيث أنه كان دائما ما يشرع في إجراء الملاحظات والتجارب، قبل صياغته للقضايا Propositions التي تكون مشتقة من الملاحظات والتجارب، والتي تكون متميزة عن الفروض hypotheses.فبينما تكون الأولى مشتقة من الخبرة، فإن الأخيرة تكون مخترعة في حالة غياب التجارب الكافية أو”الحاسمة”.ومن ثم فإن نيوتن يكاد يقول لنا: أنه يمكن للمرء عن طريق التجارب الحذرة والدقيقة , لما تقوم به الطبيعة، أو ما قد يتم القيام به عن طريق التجريب، التوصل إلى نظريات والتي تكون متحررة من جميع العناصر الافتراضية.وبذلك فإن نيوتن يقوم بوضع تمييز جوهري بين الاكتشافات Discoveries والنظريات Theories من ناحية، والفروض من ناحية أخرى.

وفي الحقيقة فإن نيوتن كان دائمًا ما يلح على ضرورة عدم افتراض أي شيء قبل البرهنة عليه، والتأكد منه بالتجربة، فهو لم يكن يقبل بالفرضية إلا بعد أن تصبح حقيقة علمية، وقد كان همه الأساسي، أن يُبعد كل القضايا غير القابلة للتمحيص الاختباري، والإبقاء فقط على تلك التي تكون قد أقيمت مباشرة عن طريق الملاحظة. وفي هذا الصدد يصرح نيوتن قائلاً:

“في الفيزياء التجريبية نستمد القضايا من الظواهر، ثم نحولها إلى قضايا عامة، عن طريق الاستقراء.ذلك أن كل مبدأ لا يُستنبط من الظواهر، يبقى مجرد افتراض.والافتراضات مهما كانت ميتافيزيقية أو فيزيقية أو ميكانيكية أو تخمينية، لا يجب قبولها في الفلسفة التجريبية.

على أية حال، فإن نيوتن يخطو الآن خطوة أخرى في بحثه حول طبيعة الضوء.ذاته عن طريق إثارة تساؤل هام: كيف يمكن تفسير الانكسارات المختلفة لمجموعة من الألوان الناتجة من التحليل الطيفي للضوء المار عبر المنشور؟

لقد كانت لحظة هامة، تلك التي لاحظ فيها نيوتن أن أشعة الضوء تسير في خطوط مستقيمة، فافترض أن أشعة الضوء تتكون من أجسام صغيرة جدًا تنبعث من المواد المضيئة، والتي تنتشر في جميع الاتجاهات.وعندما تسقط هذه الأجسام على سطح عاكس أو كاسر للضوء، فإنها لابد وأن تثير بالضرورة اهتزازات في الايثير، والذي اعتقد أنه يملئ الفضاء تماماً، مثلما يحدث ذلك عند إلقاء الأحجار في الماء. ومن ثم، فإنه لا يكون شيئاً مُتطلباً من أجل إنتاج مجموعة من الألوان ذات درجات مختلفة من القابلية للانكسار، أكثر من افتراض أن أشعة الضوء تتكون من أجسام ذات أحجام مختلفة، حيث أن الأقل منها يحدث اللون البنفسجي وهو اللون الأضعف والأظلم في جميع الألوان، وهو الأكثر سهولة في التحول، عن طريق الأسطح الكاسرة للضوء.كما أن بقية الألوان تكون ذات أجسام أكبر فأكبر، والتي تحدث الألوان الأقوى والأكثر إضاءة، النيلي فالأزرق فالأخضر فالأصفر فالبرتقالي فالأحمر والتي تكون أكثر صعوبة في التحول.

لقد كانت تلك هى الفرضية الأولى التي افترضها نيوتن لتفسير انكسار أشعة الضوء؛ أي، لتفسير الانكسارات المختلفة للألوان التي يتكون منها الضوء الأبيض باعتبارها تتكون من حشد من الجسيمات الصغيرة والسريعة جدًا وغير القابلة للتخيل والتي تكون ذات أحجام مختلفة، والتي تنبثق من الأجسام المضيئة وتتزايد سرعتها بشكل متواصل ( لاحظ هنا روح القانون الأول لنيوتن).

أما الفرضية الثانية التي لجأ إليها نيوتن لتفسير حدوث الانكسار؛ فإنه افترض أن هناك وسط أثيري يملئ الفضاء تماماً، ويكون مماثلاً للهواء، ولكن ذي كثافة أقل وأكثر رقة ومرونة من الهواء.ومن ثم فإن جسيمات هذا الوسط الأثيري تؤثر بقوة مبذولة على جسيمات أشعة الضوء، بما يؤدي لانكسارها؛ أي، أن جسيمات الوسط الأثيري تبذل قوة تقاوم جسيمات أشعة الضوء فتُحدث ارتجافات أو ذبذبات من شأنها أن تستبق الجسيمات أو تزيد أو تنقص من سرعتها، والتي تعوق سيرها في خط مستقيم.وبافتراض ذلك، فإن الايثير يلعب دورًا ثانويًا بالنسبة إلى دور الجسيمات المضيئة ولكنه دور محتوم في كل حال. وقد يحدث الانكسار أيضا عن طريق قوة جاذبية تكمن في جسيمات الجسم الكاسر للأشعة الضوئية (لاحظ هنا روح القانون الثاني للحركة لنيوتن: معدل التغير في الاندفاع (كمية التحرك momentum ) يتناسب مع القوة المؤثرة، ويكون في اتجاه هذه القوة).

ومن هنا، وبناء على الفرضيين السالفتين، فإنه يمكننا القول: أن نيوتن قد تبنى ما يمكن اعتباره بوصفه تأويلا ديناميكيا للانكسار؛ حيث أن نيوتن قد افترض أن شعاع الضوء يتصرف طبقا لقوانين الديناميكا التي وضعها سابقاً، والتى تحكم حركة الأجسام العيانية.فلقد اعتبر نيوتن شعاع الضوء بوصفه شيء ما، والذي يمكن أن يكون مُؤَثَرا عليه عن طريق قوة (سواء ما كانت قوة مقاومة جزيئات الأثير، أو قوة جاذبية جسيمات الجسم الكاسر للأشعة الضوئية)، وأن جسيمات ذلك الشعاع تخضع لذات القوانين التي تخضع لها كرات البلياردو في الميكانيكا النيوتينية.

وتأسيسا على ذلك، ترسخت الفكرة القائلة، وكرأي شائع، أن نيوتن قد دعا إلى تبني ما يمكن اعتباره بوصفه وجهة نظر جسيميه عن الضوء، والتي يُعزي في جزء منها إلى مقدرتها على وصف كمي لمجموعة من الظواهر البصرية، وبضمنها قوانين انكسار الضوء، واستمر وصف نيوتن للضوء، باعتباره سيالاً من الجسيمات، سائدًا حتى بداية القرن التاسع عشر، حيث لم تكن قد ظهرت به أية عيوب واضحة، وأُقصِىَ تمامًا أمر المفهوم الموجي للضوء الذي قد تبناه من قبل هوك وتبناه أيضاً هيجنز معاصر نيوتن.

ولكن في الحقيقة، وخلافاً لتلك اللمحة الأولى، وأيضاً خلافًا للرأي الشائع، فإن نيوتن لم يُقدِّم تصوره الجسيمي عن الضوء بوصفه الحقيقة المطلقة، فلم يكن نيوتن بغافل عن مساهمات جيرمالدي عن حيود الضوء، ولا عن مساهمات هوك التي ألمحت الى طبيعته التموجية.ولذلك يقول نيوتن :

“إن كنت قد ألمحت إلى أن الضوء هو جسم، فإني لا أؤكده متيقنًا……أعرف تمامًا أن خصائص الضوء يمكن أن تُفهم لا عن طريق الفرضية التي تُعزى فقط إلىً، بل عن طرق شتى أخرى كثيرة، لهذا فقد قررت تفاديها كلها”.

علاوة على ذلك، فإن نيوتن قَدَّم اقتراحاته حول طبيعة الضوء في صورة تساؤلات Queries أو افتراضات hypotheses وليست في صورة قضايا propositions بما يعني أنها لا تُشكل جزءاً من العقيدة التي يؤمن بها عن الضوء والانكسار.فعلى سبيل المثال يتساءل نيوتن:

“ألا تتكون أشعة الضوء من جسيمات صغيرة جداً تنبعث من المواد المضيئة ؟….فالأجسام الشفافة [ للأثير] تؤثر عن بعد علي أشعه الضوء في انكسارها وانعكاسها، وانثناءها.وبالتبادل فإن الأشعة تؤثر عن بعد على أجزاء من تلك الأجسام الشفافة، وهذا الفعل ورد الفعل عن بعدAction and Reaction-at-a-distance يشبه كثيراً جداً قوى الجاذبية بين الأجسام”.

في الحقيقة فإن تحليلاً دقيقاً للنص السابق يؤكد لنا أن نيوتن قد لجأ لافتراض، والذي تم تقريره في صيغة سؤال، أن أشعة الضوء تتكون من جسيمات صغيرة جداً، وذلك لكي يفسر لنا ظاهرة الانكسار، والتي تحدث بمقتضى تأثير عن بعد action-at-a-distance متبادل بين أشعة الضوء وجسيمات الأثير (المفترض أصلاً).

وعلى ذلك، فإن اقتراحاته سواء منها ما يتعلق بمادية الأشعة الضوئية، أو وجود الوسط الأثيري، أو العلاقة الديناميكية بين جسيماتهما ليست أكثر من فروضhypotheses والتي تعبر عن قضايا صحيحة بشكل تقريبي فقط، وقد تكون خاطئة، والتي قد لا تكون مؤيدة عن طريق التجارب.وهذا هو ما قصده نيوتن بمصطلح الفرض hypothesis، حيث يشير به إلى القضايا التي تكون صحيحة بشكل كافSufficiently true فقط، وليس للقضايا التي تكون صحيحة بشكل دقيق accurately true . فعلى سبيل المثال، فان نيوتن قد استخدم مصطلح الفرض لكي يُعبِّر به عن قضية تتضمن كينونة لا يمكن ملاحظتها مباشرة مثل الأثير، وحيث أن قضية من مثل هذا النوع لا يمكن أن تكون مرتبطة بشكل مباشر بالملاحظة؛ حينئذ، فإنه يصح القول، أن نيوتن كان مُدْرِكاً، بصفة عامة، أن فرضًا يمكنه أن يكون كاذباً، حتى ولو أن النتائج المُشْتقة منه تتفق مع الملاحظات.

ومن هنا يمكننا أن نرى، أن نيوتن إنما استخدم كلمة الفرض hypothesis، لكي يشير به إلى قضية المتعلقة بكينونة خفية، مثل الأثير) والتي تكون صحيحة بشكل محتمل probably true ، والتي تكون على العكس من القانون التجريبي الذي يتم التحقق منه والذي يكون صحيحا بشكل يقيني certainly true.إن احتمال أو نقص اليقين بالنسبة لفرض ما، طبقا لنيوتن، إنما يكون بمقتضى حقيقة أنه بدلا عن كونه مستنبطاً من التجارب، فإنه ببساطة يكون مفترضا من أجلتفسير التجارب. ومن هنا يمكن القول، أن نيوتن قدم اقتراحاته حول الطبيعة المادية الجسيمية للضوء، بوصفها ليست أكثر من تأويل ممكن ومقبول لتجاربه.

على أية حال، فإن تأويل نيوتن للضوء، لم يكن التأويل الوحيد الممكن في زمنه، ولم يكن كافيا لأن يُسَلَّم به بالنسبة لجميع وجهات النظر المتعلقة بطبيعة الضوء.كما يمكن القول أيضاً، أن الأفكار النهائية لنيوتن حول طبيعة الضوء كانت قد قُدِّمَت بشكل تخميني تماماً.فطوال كتابه الرئيس عن البصريات Opticks؛ فإن نيوتن كان مُصِرَّاً على أن نتائجه لا تعتمد على وجهات نظر خاصة حول طبيعة الضوء.وقد حاول بشكل واضح تجنب استخدام الكلمات التي يبدو منها أنها تتضمن وجهة نظر خاصة.

علاوة على ذلك، فإن نيوتن قد رفض اعتبار أن الطبيعة الجسيمية Corporeal Nature للضوء جزء من عقيدته، حيث يقول:

“إنه يكون حقيقياً من خلال نظريتي، أنني أناقش الطبيعة المادية للضوء والذي قمت به بدون أي تأييد مطلق لها…………إنها ليست افتراضاً أساسياً، وليست بأي قدر جزءًا منه”.

في الحقيقة فانه يبدو لنا من خلال هذا النص، زيف القول الشائع، أن نيوتن قد أظهر بصيرة هائلة ومعرفة سبقية رائعة في تبنيه للنظرية الجسيمية ورفضه للنظرية الموجية.إن نيوتن في الحقيقة لم يكن قادرًا على الجزم بما إذا كان الضوء جسيمياً، أو تموجياً.إنه عادة ما يبدأ بوصفه يتكون من جسيمات، وينتهي بكونه اهتزازات والتي تحدثها الجسيمات في الايثير.ولكن وصف الضوء باعتباره جسيمات كان بالنسبة له أسهل في التصور من التموجات، والذي يمدنا بتفسير لانتشار الضوء في خطوط مستقيمة، وهي الفكرة التي صارت شائعة حول أن نيوتن قد تبنى الوصف الجسيمي للضوء.ولكن نيوتن لم يقم بهذا أبدًا، وحتى على فرض قيامه بذلك، فإن الإطراء، على أسبقيته تلك، لن يكون جائزاً على الإطلاق.وذلك لأن جميع الوقائع المعروفة عن الضوء لا تتطلب نظرية وحيدة؛ أي، نظرية جسيمية.فكل واقعة بدون استثناء، يمكن تفسيرها من خلال النظرية التموجية.كما أن الوقائع التي ظهر منها أنها غير متلائمة مع النظرية الموجية لم تصبح معروفة إلا في نهاية القرن التاسع عشر (قانون استيفان ـ بولتزمان، قانون فين، قانون بلانك). ولهذا فإن الرفض المزعوم لنيوتن للنظرية الموجية وتبنيه للنظرية الجسيمية لابد وأنه قد أعاق تقدم علم البصريات بشكل خطير جدًا.ومن ثم فإنه لا يستحق المدح أو الإطراء لو أنه قد قام بذلك.

والآن، يرد تساؤل هام؛ لماذا اعتُبر نيوتن بصفة عامة بوصفه مُقترح لوجهة نظر جسيمية عن الضوء ؟ في الحقيقة فإن هذا الفهم يكون مرتكزًا على ثلاثة أسباب :

أولاً: أنه يكون مُبرَّرًا في جزء منه عن طريق اتهاماته المتكررة للفرض الموجي؛ حيث أن نيوتن لم يُسلم أبدًا بإمكانية إعطاء تفسير كاف لجميع خصائص الضوء التي أعلنها نتيجة لتجاربه عن الألوان الطيفية، في ضوء الوصف الموجي بمفرده، وبشكل خاص، ظاهرة انتشار الضوء في خطوط مستقيمة.

ثانيًا: لقد رأى نيوتن أن التأويل الجسيمي كان هو التأويل الطبيعي الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه بالنسبة لتصوره حول أشعة الضوء، والذي يمكنه تفسير ظواهر انتشار الضوء في خطوط مستقيمة، وفي تفسيره لظواهر الانعكاس، وأيضًا في تفسيره لظواهر الانكسار، والتي اتضح منها أنه يُعوِّل كثيرًَا على رؤية جسيمية؛ حيث أن هذا التأويل قد افترض مسبقا، أن الأشعة الضوئية تخضع لقوانين الديناميكا، والتي طبق فيها فكرة الجاذبية على مجال البصريات، على الرغم من أن نيوتن قد امتنع وتحفظ تحفظًا شديدًا عن الإعلان عن طبيعة الضوء الحقيقية.

ثالثًا: لقد كان من الطبيعي بالنسبة للنيوتينيين؛ أي، أنصار النسق النيوتيني، أن يؤيدوا وجهة نظرة الجسيمية عن الضوء، خصوصًا بعد النجاح المنقطع النظير لذلك النسق على كافة مستويات الوجود المادي، وعلى الرغم من الانتقادات القوية التي وجهها فلاسفة طبيعيون متميزون مثل هوك Hooke، وليبنتزLeibentiz، وايليور Euler، و باراديز Paradies، بالإضافة لهيجنزHuygens نفسه، للنظرية الجسيمية لنيوتن؛ فإن نفوذ نيوتن كان هائلاً، وقد سيطرت وجهة نظره على القرن الثامن عشر بأكمله في ميدان البصريات، وأُغْفِل أمر النظرية الموجية التي اقترحها هيجنز في نفس الوقت على الرغم من صلاحيتها لأن توضع موضع الاختبار، ولكن سمعة نيوتن ومكانته كانت أعظم من أن نناقش.

وفي الحقيقة فإن النيوتينيين قد غضوا الطرف عن العقبات الكأداء التي واجهت النظرية الجسيمية، والمتمثلة في إخفاقها بتقديم تفسير مقنع لظاهرة الانكسار فيما يتعلق بواقعة مؤداها أنه عندما يسقط شعاع ضوئي صادر من القمر على سطح بحيرة، على سبيل المثال، فإنه سوف ينكسر جزء من ذلك الشعاع وينعكس الجزء الآخر، والذي يرى فيه صورة القمر.وهنا فإن مشكلة تواجه النظرية الجسيمية، والتي تنبثق من حقيقة أنه، لو كان شعاع الضوء الصادر من القمر يتكون من جسيمات لوجب أن يكون تأثير قوى الماء عليها جميعًا واحدا؛ أي، لوجب أن تنجذب وتنكسر جميعها وهذا لم يحدث.

علاوة على ذلك، فلقد صادفت النظرية الجسيمية عقبة كأداء أخرى، والمتمثلة في ظاهرة الحيود، وهي الظاهرة التي ينحرف فيها الضوء انحرافًا ضئيلاً عند مروره بحافة حادة أو جسم بالغ الصغر، أو من خلال ثقب ضيق.فلو كانت النظرية الجسيمية صحيحة في قولها بأن الضوء يتكون من سيال من الجسيمات المنبعثة من مصدر ضوئي والذي يسير في خطوط مستقيمة لوجب أن يتم حجب الضوء عن الأجسام التي تعترض طريقه، وأن تلقي ظلاً خلفها.ولكن اتضح أن تلك الحالة وإن كانت صحيحة في حالة الأجسام الكبيرة، فإنها لا تكون كذلك في حالة الأجسام الصغيرة كالسلك الرفيع أو الشعرة، والتي لا تكون كبيرة بما يكفي لكي تحجب الضوء.فبدلاً من حجبها، فإن الضوء ينحني أو ينثني حولها بدلاً من سيره في خط مستقيم.هذا الانثناء أو الحيود لا يمكن تفسيره في ضوء أي نظرية يمكنها أن تتبنى الوصف الجسيمي والذي يستدعي بقوة دخول الوصف الموجي.

على أية حال، فإن تلك الإخفاقات التي حاقت بالنظرية الجسيمية قد أدت بشكل قوي إلى تقلص نفوذها، وأدت، من ثم، الى لفت الانتباه إلى النظرية الموجية التي أبدعها هيجنز معاصر نيوتن، والتي تضع في اعتبارها الضوء لا بمثابة سيال من الجسيمات المتدفقة من المصدر الضوئي، ولكن كموجات تنطلق من المصدر حاملة معها الطاقة الضوئية إلى شبكية العين.وهذا ما سوف نتناوله بالتفصيل في الجزء اللاحق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
✓✓👈 روابط كتب قد تهمك :

تحليل الضوء الأبيض

 إن لون الضوء الأبيض الذي نراه هو في الحقيقة ليس كذلك ، وإنما يحتوي على عدة ألوان ولكن عيننا البسيطة المجردة لا تستطيع رؤيتها ، ولكن عند إستخدام وسائط معينة فإننا سنتمكن من تحليل هذا الضوء ورؤية مكوناته وألوانه الحقيقية على أرض الواقع . نجد أن هناك طريقتان مستخدمتان في الوقت الحاضر لتحليل الضوء هما : أولاً – طريقة التحليل التكميلي
ثانياً – طريقة التحليل الطرحي سوف نقوم في الطريقة والحالة الأولى بالقيام بخلط الأضواء الملونة النابعة من مصادرها الأولية والتي تعمل وتقوم هي نفسها بنشر هذا الضوء كما نراه في المصابيح المختلفة وفي شاشات التلفزيون الملونة وغيرها من الوسائط ، ونجد أنفسنا هنا أننا نقوم بعملية التحليل التكميلي لألوان الضوء وذلك بقيامنا بإسقاط الأضواء الملونة على أي سطح أبيض وذلك ليتمكن من القيام بعكس الضوء الساقط عليه كلياً ، وسنجد أن هذا السطح سيعكس لوناً خليطاً من الأضواء الملونة. وفي الطريقة والحالة الثانية سوف نقوم بعملية خلط الألوان الصادرة والنابعة من مصادر ثانويةٍ مثل الأجسام أو تلك المواد التي لا تقوم هي بحد ذاتها بنشر الضوء وإنما تقوم هنا بعملية التحليل الطرحي لألوان تلك المواد شريطة أن تكون لديها القدرة الجيدة على خلط هذه الألوان بشكل جيد ، و يستخدم هنا عادة الألوان اللبدية. وسبب هذه الألوان يرجع لكون هذه المواد توجد صبغات بها، تعمل وتقوم على إمتصاص جزء من هذا الضوء الساقط عليها، ثم نجدها بعد ذلك تقوم بعكس ضوء له نفس ألوان الطيف ولكن معدلة مما يعمل على إعطاء لون ما للمادة، و للتسهيل سوف نقوم بتقسيم ألوان الطيف للضوء الأبيض إلى ثلاثة أقسام أخرى مناظرة للون الأحمر واللون الأخضر واللون الأزرق . ونجد أن جميع الدراسات التي قامت حول تكوين شبكية العين قد أظهرت هذا التقسيم لألوان الطيف إلى ثلاثة أقسام. أولا ً– قسم التحليل التكميلي حيث يمكن تحليل أغلب "ألوان الضوء" وبالأخص منها اللون الأبيض وذلك بإضافة ثلاثة أضواء ملونة تسمى الألوان الأولية ، شريطة أن يكون من الإستحالة القيام بتحليل أي لون منها عن طريق إضافة أحد اللونين الآخرين. وهذه الألوان هي اللون الأحمر واللون الأخضر وكذلك اللون الأزرق والتي بعد أن نقوم بخلطها معا نحصل على اللون الأبيض. ويمكن تمثيل هذا أيضا بالطريقة التالية: تتميز الألوان الثلاث الأولية بأطوال موجية تعادل ثلث ألوان الطيف للضوء الأبيض. ونلاحظ أن هذه الطريقة تستخدم في شاشات التلفزيون. ثانياً – وهي طريقة وأسلوب التحليل الطرحي ويمكننا كذلك تحليل الألوان المختلفة بعد القيام بطرح جزء كبير إلى حد ما من كل الإشعاعات المضيئة للضوء الأبيض ، و من هنا جاءت تسميته هنا بالتحليل الطرحي، فتستطيع المادة بفضل تلك الصبغات المتواجدة فيها من القيام بعملية طرح جزء من هذه الإشعاعات الضوئية الساقطة عليها. ويمكننا أن نختار ذلك الجزء الذي سيتم إمتصاصه بعد ذلك من ألوان الطيف وذلك بواسطة خلط المواد المناسبة والذي بدوره سوف يؤدي إلى خلق وإيجاد لون جديد سيكون مناظراً للضوء الحقيقي المنعكس بعد عمليات الطرح تلك ، وعوضاً عن القيام في دراسة دور تلك الصبغات مباشرةً فسوف نقوم بدل ذلك بنمذجتها وذلك بواسطة المرشحات، حيث سيقوم المرشح ذو اللون" س " بإمتصاص جميع ألوان الضوء جميعاً ما عدا اللون الخاص به، فإنه سوف يسمح بنفاذه فقط فنحصل على إثر ذلك على الألوان التي يطلق عليها إسم ألوان المادة؛ فإن من الملاحظ أن ألوان الطيف للضوء الأبيض والساقط على مرشح أصفر مثلاً لا تحتوى على الإشعاعات الصفراء .
هل اعجبك الموضوع :
author-img
معلم لمادة الفيزياء ـ ماجستير تكنولوجيا التعليم، أهتم بالفيزياء والرياضيات وتوظيف تكنولوجيا التعليم في العملية التعليمية، بما في ذلك التدوين والنشر لدروس وكتب الفيزياء والرياضيات والبرامج والتطبيقات المتعلقة بهما، وتصميم وإنتاج البرمجيات التعليمية.

تعليقات